قمة "كوب 30".. حقوق الشعوب أمام انهيار مناخي متسارع
أكثر من 70 دولة لم تقدم خططها المناخية
حذّر المشاركون في مؤتمر الأطراف الثلاثين من أن اتفاقيات القمة المُخففة لن تُنقذ النظام البيئي على حافة الانهيار، مؤكدين أن التقدم كان ضئيلاً في استبدال النفط والغاز أو الالتزامات بخفض انبعاثات الكربون.
وأوضح ستيفن فيكتور، وزير البيئة في بالاو، في حديثه لصحيفة "الغارديان": "نحن قريبون بشكل خطير من تجاوز الاحتباس الحراري بمقدار 1.5 درجة مئوية، مدفوعين بتصرفات الدول الكبرى"، وأضاف أن الفشل في اتخاذ إجراءات عاجلة سيحكم على العالم بالكارثة.
وطالب المشاركون بتوفير تمويل أكبر للدول النامية لمساعدتها على التكيف مع التغير المناخي، من خلال إعادة زراعة مستنقعات المانغروف، إقامة حواجز ضد الفيضانات، وزراعة محاصيل جديدة، أو تخزين المياه ضد الجفاف.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن الصياغة النهائية للاتفاقية تدعو فقط إلى "مضاعفة التمويل ثلاثة أضعاف على الأقل"، في حين تحتاج الدول حوالي 360 مليار دولار سنويًا، مقارنة بالمبلغ الموعود 120 مليار دولار.
آثار مهددة للحياة
حذر براندون وو، من منظمة أكشن إيد، في تصريح لـ"الغارديان": "عشر سنوات من الآن فترة طويلة لا تُصدق بالنسبة للمجتمعات التي تواجه آثارًا مهددة للحياة الآن.. ما لم تُضغط الدول المتقدمة بشدة، فإن هذا القرار لن يُؤدي إلا إلى ترسيخ الظلم المناخي".
وكشف تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" أن أكثر من 70 دولة -ومنها الهند- لم تُقدّم أي إسهامات محددة وطنيًا (NDCs)، وأن معظم الخطط المستلمة كانت غير كافية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بنحو 2.5 درجة مئوية، أي ضعف الحد المستهدف البالغ 1.5 درجة مئوية.
واقترح أكثر من 80 دولة بدء مناقشات حول خارطة طريق للانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري، إلا أن الاقتراح خُفف لاحقًا ليصبح مجرد مبادرة طوعية، كما ذكرت "الغارديان".
وصرّح مدير معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، يوهان روكستروم، أن فرص الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية تكمن في خفض الانبعاثات بنسبة 5% سنويًا، وهو ما لم يتم تضمينه في الاتفاق.
وانتقد مدير مركز أبحاث "باور شيفت أفريكا"، محمد أدو، استبعاد الصياغة المتعلقة باستغلال المعادن الأساسية للطاقة المتجددة، مؤكدًا للغارديان أن ذلك يُغفل التكلفة البشرية والاستخدام غير العادل للعمال، ومنها وفاة أكثر من 30 عامل مناجم كوبالت في الكونغو الديمقراطية، وأضاف: "لا يُمكننا النضال من أجل مستقبل متجدد دون ضمان وجود سُبُل عادلة لإدارة الاستخراج اللازم لتحقيق ذلك".
التعاون بشأن القيود التجارية
وأوضحت "واشنطن بوست" أن البرازيل، الدولة المضيفة للمؤتمر، حاولت حث الدول على التعاون بشأن القيود التجارية المتعلقة بالمناخ، وتمويل الحلول المناخية، والخطط الوطنية، وزيادة الشفافية في قياس تقدم هذه الخطط.
وتضمنت النتائج تسوية ضعيفة، حيث وافقت الدول على مضاعفة التمويل لمساعدة الدول الضعيفة على التكيف مع تغير المناخ ثلاث مرات، لكن الخطط الواضحة للتحول عن الوقود الأحفوري غابت عن الوثيقة النهائية، وهو ما أثار غضب العديد من المشاركين.
وأفادت صحيفة "فايننشيال تايمز" أن مؤتمر الأطراف الثلاثين شهد إدراج قضايا المعادن الأساسية والطاقة المتجددة ضمن النقاشات الرسمية لأول مرة، إضافةً إلى معالجة موضوعات مثل التجارة الدولية، وقواعد الكربون الحدودية للاتحاد الأوروبي.
وأكدت الصحيفة أن البرازيل أطلقت منتدى للدول لمناقشة التوترات التجارية والمناخية، مشيرةً إلى أن هذا يشكل بداية لتحسين التعامل مع تحديات تغير المناخ على أرض الواقع، رغم أن القرارات النهائية لا تزال ضعيفة.
كما سلّطت "واشنطن بوست" الضوء على دور السكان الأصليين، حيث اضطُر بعضهم للنضال من أجل الحصول على مقاعد كبرى على الطاولة، وأكدت تيلي تيرينا، من شعب تيرينا في البرازيل، أن النص النهائي تضمن لأول مرة فقرة تذكر حقوق السكان الأصليين.
خارطة طريق خاصة
أشار رئيس مؤتمر الأطراف، أندريه كوريا دو لاغو، وفق "واشنطن بوست"، إلى أن البرازيل ستضع خارطة طريق خاصة بها للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وسيجتمع المشاركون العام المقبل لمتابعة تنفيذها، رغم أنها ليست ملزمة لجميع الدول.
كما صرّح الرئيس التنفيذي لمنظمة أصدقاء الأرض، أسد رحمن، للغارديان: "واقع الأزمة يعني أن الخطوات الصغيرة لن تكون كافية.. يحتاج العالم إلى اتخاذ خطوات جبارة لخفض الانبعاثات بسرعة.. العواقب ستكون وخيمة إذا لم تُترجم الأقوال إلى أفعال قريبًا".
وخلصت نتائج مؤتمر الأطراف الثلاثين إلى أن الدول مطالبة بـ"التنفيذ الكامل للإسهامات المحددة وطنيًا مع السعي لتحسين أدائها"، وهو ما سيترك الرئاسة القادمة لمؤتمر الأطراف الحادي والثلاثين في تركيا أمام تحدٍ كبير لتحقيق نتائج ملموسة.











